فوائد الرياضه للمعاقين
تعود تجذور العلاج بالترفيه إلى الحضارات القديمة وبشكل خاص الحضارة الفرعونية في مصر والحضارة الصينية واليونانية والعربية. حيث لوحظت تلك العلاقة الوثيقة بين النفس والجسد والتأثير الجيد الذي يحدثه الترفيه والنشاطات الترفيهية المتنوعة على نفسية المصاب بأمراض مزمنة أو إعاقة معينة وسرعة شفائه أو تحسن حالته وتطور قدراته الكامنة وسهولة تكيفه مع الصعوبات التي يعاني منها.
وصف أبو الطب أو ابوقراط التمارين الرياضية لعدد من المرضى كوسيلة للشفاء من الأمراض التي يعانون منها. وفي بداية عصر النهضة ظهرت في احد البلدان الأوروبية ترجمة إلى اللغة الألمانية لنص طبي عربي كتبه أحد الأطباء العرب القدامى يؤكد على التأثير الايجابي لممارسة الحركات الرياضية على النواحي الجسدية والعقلية عند الأفراد المصابين بأمراض مختلفة.
العلاج بالترفيه
يمكن تعريف العلاج بالترفيه على انه مجموعة من الأنشطة والفعاليات والبرامج الترفيهية يعدها مختصون وتعتمد على استخدام وسائل متنوعة مثل الحيوانات والموسيقى والألعاب والرياضة والفنون المتنوعة بما في ذلك التمثيل والدراما والرسم والتلوين في معالجة النواحي الجسمية والنفسية والعاطفية والاجتماعية والإدراكية عند الأفراد المعاقين أو المصابين بأمراض مزمنة.
وتهدف هذه الأنشطة والفعاليات إلى تطوير جوانب معينة عند الفرد المعاق أو المصاب بمرض مزمن أو تساعده على التكيف والتأقلم مع الصعوبات التي يعاني منها أو توجيه اهتمامه إلى أنشطة وفعاليات تناسب قدراته.
وقد يكون هدف العلاج بالترفيه شغل وقت الفراغ عند المعاق أو المريض وبالتالي الحد من الإحساس بالعجز أو عدم الثقة بالنفس والاكتئاب والمشاعر السلبية الأخرى والتي تؤثر بشكل سلبي على تطور قدرات الفرد المعاق أو تعيق عملية شفاء وتحسن المصاب بمرض مزمن. وتعد ماري بوتر وهي مختصة بالخدمة الاجتماعية من الدنمارك من أوائل الأشخاص الذي صمموا برامج ترفيهية متكاملة للأفراد المصابين بأمراض مزمنة أو إعاقات مختلفة .
وذلك في عام 1895، ومنذ ذلك التاريخ ظهر عدد كبير من البرامج المصممة بشكل خاص لكي تساعد المعاقين في تطوير مهارات معينة، وظهر كذلك عدد آخر من الجمعيات والمؤسسات التي تعتني بهذا النوع من البرامج الترفيهية الموجه للمعاقين والمصابين بأمراض مزمنة وأسرهم على سبيل المثال لا الحصر الجمعية الأميركية للمعالجة الترفيهية .
وأصبح مسمى أو تخصص معالج بالترفيه Recreational Therapist من التخصصات المعروفة في مجال علاج وتأهيل المعاقين، ويوجد في الوقت الحالي في كثير من مؤسسات ومراكز تأهيل المعاقين أو في المستشفيات الخاصة بالأمراض المزمنة قسم خاص بالعلاج بالترفيه بعد أن تبين مدى فائدة هذا النوع من العلاج في تأهيل المعاقين والمصابين بأمراض مزمنة. ويدرس هذا التخصص في عدد من الجامعات والمعاهد العلمية في بلدان غربية مختلفة.
المعالج بالترفيه
يستخدم المعالج بالترفيه كما كبيرا من الوسائل والتقنيات لتحسين النواحي العاطفية والجسدية والاجتماعية عند الفرد المصاب ويستغل وقت الفراغ عند الفرد المعاق أو المصاب بأمراض مزمنة بنشاطات ترفيهية تكون موجهة بالدرجة الأولى لتأهيل أو علاج أو تطوير الأداء في مجال معين وذلك لتحسين الوظائف الحياتية ولتخفيف أو الحد من تأثير المرض أو الإعاقة على الشخص المصاب.
ويختلف المعالج بالترفيه عن المعالج الطبيعي أو الوظيفي بأمور عدة منها أن المعالج بالترفيه يساعد المصاب على التأقلم مع فقدانه لقدرات معينة تعتبر أساسية للانخراط في نشاطات رياضية أو اجتماعية أو فنية، فعلى سبيل المثال قد يساعد المعالج بالترفيه شخص أصيب بإعاقة حركية تمنعه من المشي بالتحول إلى ممارسة لعب الشطرنج أو الرسم أو نشاط آخر لا يحتاج إلى حركة بالأطراف السفلى، وقد يقوم المعالج بتطوير اهتمامات الشخص المصاب إلى نشاط آخر يناسب قدراته الحالية يساعده على الاندماج الاجتماعي أو يساعده على تحسين وضعه الصحي.
وسائل المعالج
تتنوع وسائل المعالج بالترفيه وتختلف من مختص إلى آخر ومن مؤسسة إلى أخرى وتشتمل على كم كبير من الفعاليات والأنشطة الرياضية والحفلات الموسيقية والرحلات والمسابقات والبرامج الترفيهية المصممة بشكل خاص لكي تناسب كل حالة على حدة أو مجموعة متجانسة من الحالات.
وقد تستخدم في بعض الأحيان الحيوانات مثل الدولفين أو الخيول، حيث تعد السباحة مع الدولفين في الماء نوع من العلاج بالترفيه بالإضافة إلى كونها نوعا من العلاج الطبيعي وقد تبين للباحثين الفوائد الجمة للسابحة مع الدولفين بالنسبة للمصابين باضطراب التوحد أو الإعاقة الذهنية، والأمر نفسه بالنسبة لركوب الخيل فهو علاج طبيعي في المقام الأول ويمكن اعتباره من العلاج بالترفيه عند بعض الحالات.
فوائد االعلاج بالترفيه
هناك دراسات علمية كثيرة تم توثيقها قام بها عدد من المختصين تؤكد على الفوائد الجمة للعلاج بالترفيه عند المصابين. فوائد العلاج بالترفيه لا تقتصر فقط على النواحي النفسية عند الفرد المصاب بل يمتد تأثير هذه النوع من العلاج إلى النواحي التالية:
- تطوير المهارات الحركية عند المصابين. وزيادة الحركة في العضلات وتقويتها.
- زيادة مرونة المفاصل والمدى الحركي ومرونة العضلات عند ممارسة النشاطات الرياضية المدروسة والمعدة بشكل خاص للمعاقين أو المرضى المزمنين.
- تحسن عام في وظائف أعضاء الجسم مثل تحسن في الوظيفة التنفسية والدورة الدموية في الجسم وغير ذلك من الوظائف.
- التخفيف من الألم والتقليل من الاعتماد على الأدوية والخدمات التمريضية.
- التقليل من الاضطرابات أو الصعوبات الثانوية التي تصاحب الإعاقة الحركية أو المرض مثل تقرحات الفراش أو التهابات المجاري البولية المزمنة.
- التحسن والتطور في النواحي النفسية والاجتماعية عند الفرد المصاب، ويشمل ذلك تطوير الثقة بالنفس والتأقلم مع الإعاقة، وتطوير التواصل الاجتماعي مع الآخرين والتخفيف من القلق والحصر النفسي والانعزال الاجتماعي والتقليل من مستوى الاكتئاب وغير ذلك من الاضطرابات النفسية التي تلاحظ بكثرة عند بعض الأفراد من المعاقين أو المرضى بأمراض مزمنة.
- تطوير القدرات والمهارات الإدراكية والمعرفية عند الأفراد المعاقين ويشمل ذلك زيادة الانتباه والتركيز والذاكرة ومهارات التنظيم والقدرة على أخذ القرار وتعديل السلوك والمهارات المعرفية الأخرى.
نختم حديثنا بالتأكيد على أن تأهيل المعاقين والمصابين بأمراض مزمنة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار جميع النواحي النفسية والعاطفية والاجتماعية عند الفرد المصاب، وأن الاهتمام بالجانب الجسدي فقط دون الاهتمام بالجانب الروحي قد يعيق أو يؤخر كثيرا عملية التأهيل أو الشفاء.